نحن العرب وهم الإسرائيليون

f9c67b083ce38ca72869b214953226a6

 

 مللنا فلسطين. مللنا هذه القضية. مللنا إصرار البعض على جعلها قضية العالم العربي الأولى. مللنا الحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني. مللنا…مللنا… مللنا. آن الأوان لأن نلتفت لقضايانا الخاصة. خلص فلسطين”. هكذا كانت فلسطين بالنسبة للبعض أو ربما للكثيرين، مجرد قصة مملة. تكرار لا طائل منه. موضة بالية

في الوجه الثاني للعملة: خطابات طنّانة ورنّانة. تهديد ووعيد للمحتل من خلف المنابر. تعاطف لا يتجاوز حدود الكلام. دعم لا يتخطى صفحات الجرائد ومواقع التواصل الإجتماعي. صورة للمسجد الأقصى تضامنًا أو للقدس حبًا وتعاطفًا. وانتهى البيان

اليوم، وبعد ما جرى ويجري في فلسطين، عادت القضية على الموضة وسطع الوجه الثاني للعملة. تضامن خطابي من الطراز الرفيع، صور وأعلام على مواقع التواصل الإجتماعي. ومن كانوا يعتبرون بالأمس أن قضية فلسطين باتت مملة وبالية، نفضوا عنها الغبار ولمّعوا صورتها مجددًا. لا حاجة للاستفاضة في الشرح والتفصيل حتى لا يقع هذا الكلام في خانة الوجه الثاني للعملة

ملاحظة: الحكومات العربيّة مُكلّلة بجامعة الدول العربيّة لم تبدّل موقفها منذ أعوام طويلة وإصرارها واضح في إهمال هذه القضية وإدراجها في خانة ”مللنا“ من دون أن تحاول ولو لمرّة واحدة أن تنفض عنها غبار التجاهل. هو ليس ملل بقدر ما هو موقف واضح وصريح وممنهج يرمي إلى انهاء هذه القضية لصالح الإسرائيليين. ولا يحتاج الأمر الى بحث وحفر لإيجاد الدلائل والبراهين التي تثبت هذا الكلام، فيكفي اختيار بعض المواقف بشكل عشوائي لتأكيد المؤكد

في المقلب الآخر: لم يملْ الإسرائيليون من لعب دور الضحيّة. لم يملّوا من استدرار عطف العالم إزاء ”الهولوكوست“، علمًا أن هناك شك كبير في الرواية التاريخيّة للهولكوست لجهة المبالغة في تضخيم حجم ضحاياها. حوّلوا اغتصاب فلسطين إلى “حق”. أقنعوا العالم أنهم الضحيّة وليسوا الجلّاد. تعاطف معهم الغرب وصار ينوح أكثر منهم على الهولوكست. حضر الهولوكست في معظم الأفلام الهوليوديّة كما سجلت القلسونة اليهوديّة حضورًا بارزا في أعمال الفن السابع الأميركيّة والأوروبيّة. لم يضجر الإسرائيليون ولا ضجر المتعاطفون معهم من حمل لواء قضيتهم المفتعلة عبر السنين. ولن يضجروا ولن يملّوا ولن يترفّعوا عن تسخير كلّ الأساليب المتاحة وغير المتاحة، بالترغيب والترهيب، لابقاء قضيتهم القضية الرقم واحد في العالم الغربي

هذا نحن وهذا هم. ولا عجب بعد اليوم في ما نحن عليه وفي ما هم عليه. هم يدركون أن القضايا المصيريّة لا تنتهي صلاحيتها، أما نحن فنلحق الموضة حتى في أهم قضايا حياتنا وأخطرها، وفلسطين نموذج صارخ

غدًا نطوي صفحة فلسطين ويتسرب الملل إلى قلوبنا ونعيد ونكرّر” خلص فلسطين”. أما هم فيفتحون صفحة جديدة ويسجلّون نقطة إضافية لصالحهم ويرون التاريخ كما يحلو لهم ويناسبهم ويقنعون به من يشاؤون

 

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s