تراند العروبة ينتهي مع صفّارة الحكم

   
المنتخب الأجمل على الإطلاق في منتهى الموضوعية

عرب، ولكنّنا  فخورين بالجنسيّة الثانية، وفي حال وُجدت الثالثة، زد وبارك. وإذا طُلب منّا التخلي عن جنسيّة والاحتفاظ بأخرى، فالخيار معروف، “شو بدنا بالجنسية العربيّة شو بتجب لنا”. صحيح

عرب، ولكنّنا نُعلّم أولادنا في جامعات  الدول الأوروبيّة والأميركيّة ونفتخر. سألتني صديقتي ، “ايه وين بدنا نعلمهم؟” قلت: في إحدى الدول العربيّة. أو لسنا عربًا ونفتخر؟ أضعف الإيمان ان نتعلّم حيث هي مفخرتنا.

 عرب، ولكنّنا نتحدّث بالفرنسيّة والإنكليزيّة والاسبانيّة بطلاقة، ونُمعن في إحداث التواءٍ في الحنك أو في تحويل حرف الراء إلى غين  لنصيب اللكنة ونبهر من حولنا.   

عرب، ولكنّنا لا نشعر بأيّ إحراجٍ عندما نرتكب أخطاءً لغويّة، بل نبتسم جزلين فرحين بضعفنا في إتقان لغة الضاد لأنّها لم تعد على الموضة، في حين نحمرّ خجلًا ونتلعثم في حال أخطأنا أثناء التحدث بأيّ لغة أجنبية. ويا غيرة الدين. 

عرب، ولكنّنا نقول زهقنا فلسطين. ولا حاجة للاستفاضة هنا. المعنى بقلب القول بكلّ تفاصيله وأبعاده الثلاثيّة.

عرب،  ولكنّنا لا نرى أنّ ثمّة  مشكلة في توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. ونرى أنّ التطبيع مسألة عاديّة جدا، ونسخر من قلبنا وربّما نخجل، في حال انسحب أي عربي من مباراة يتواجه فيها مع إسرائيلي. هنا، يصبح العربي متخلّفا و”ليك وين بعده” والإسرائيلي منفتح و”كول”. وإذا أردنا فتح مزدوجين هناك الكثير من الأمثلة والأسباب، على امتداد العالم العربي، التي تبرّر لماذا يرضى الاسرائيلي بل يسعى الى مواجهة العربي في أي مباراة من ملكة الجمال إلى صحن الحمص، ولماذا على العربي المؤمن بعروبته أن يرفض من دون ان يُعيّر بموقفه.

عرب،  ولكنّنا لا نستقوي إلّا على بعضنا في أصغر تفصيل وصولًا إلى أكبر قضيّة أو موقف.

عرب، ولكنّنا “من موت ومن عيش” قبل أن نحصل على تأشيرة دخول إلى معظم الدول العربية الاخرى، وننتقل من مركز أمن إلى آخر بحجة تشابه في الأسماء، في حين يختم الأجنبي جواز سفره في المطار ويتمختر عريض المنكبين شلولخ.

عرب، ولكنّنا نتعرض لتشكيلة من أنواع الذلّ حين نعمل في الدول العربية، هذا في حال حصولنا على الوظيفة. في حين أن للأجنبي وظيفة ومكانة مفصّلتين على مقاسه. لذا، وفي حال امتلاكنا جنسية ثانية نستخدمها للدخول إلى البلاد العربية لأنه “أسهل وأضمن وأريح بال”، كما نستخدمها للحصول على وظيفة برتبة وراتب أعليين.

عرب، ولكنّنا نذبح على الهويّة ونهجر باسم الدين والمذهب.

تتكلم الأرض عربي عندما نريد ونرغب، علمًا أن فريق كرة قدم  تأهل بجدارة لاعبيه فقط وليس لأن الشلش العربي حرّك له اقدامه. 

إنّها مباراة كرة قدم لا مكان، للأسف، للعروبة فيها قبل انتفاء الظروف أعلاه. 

العروبة ليست “تراند” ستُعلِن، في أي حال، صفارة الحكم انتهاءه عمّا قريب. العروبة شيء آخر لا مكان له في يومياتنا البائسة. لن نستعيد الأندلس لو أتيح لنا كل الوقت الأصلي والأضافي من خلال هزّ شباك الخصم. لن نحرّر فلسطين من خلال رفع العلم الفاسطيني في الملاعب. ولن يكفي رفع العلم من أجل إحقاق الحق أصلًا.  في المناسبة، لم أفقه سبب الدهشة جرّاء رفع العلم الفلطسيني من قبل جمهور عربي في أرض عربية. ليست دهشة عاديّة بل دهشة عارمة. خلت للحظة أنّ جمهورا أميركيّا أو أوروبيّا هو الذي لاح بالعلم الفلسطيني مثلًا ما استدعى احتفالا افتراضيّا في قضية تحوّلت افتراضيّة في عالمنا العربي المُطبّع الحبيب.

نفرح لفوز المغرب لأن لعبهم جميل ومُمتع وحماسي.

نفرح لأن ابتسامة بونو الطفولية تستدرج كلّ التعاطف والحب.

نفرح لأنّ لنا بين المغاربة أصدقاء نفرح لفرحهم.

نفرح لأنّنا نحتاج إلى ابتسامة، إلى نصر صغير لا علاقة له لا بالعرب ولا بالعروبة اللذين يستدرج ذكرهما مآسٍ جمّة.

نفرح ولا نثأر لتاريخنا مع الاستعمار، لأن الثأر لا يكون في ملاعب كرة القدم بل له ملاعب أخرى ضلّها مدّعو عروبة الملاعب.

نفرح بالأم التي تراقص ابنها في الملعب لأنّه مشهد إنساني بامتياز، ونحزن للدموع التي انهمرت جراء الخسارة لأنّه أيضًا وأيضًا مشهد انساني بامتياز.

 فلنشاهد هذا المساء مباراة المغرب ، وتبًا للعروبة بكلّ المعاني التي عشناها ونعيشيها والتي ستتدحرج فوق رؤوسنا ما إن يطوي هذا المونديال صفحته.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s