ألو بونسوار
أهلا… بونسورين
ما عرفتيني
بصراحة لا
أنا … مش أنت بتعلمّي معي بالجامعة؟
…لا والله يا ريت
أه، لأن اسمك نازل بجداول نقابة المحررين
هلق كلّ اللي اسماءهم بالجدول صاروا بعلموا؟؟؟ هني بالكاد عم يشتغلو بالمهنة
(لا مش القصد … بس أنو ما بعرف (وخلافه من الكلام غير المفهوم والمُعمع
هذا ليس حوارًا متخيّلًا بل حقيقيًا مئة في المئة، بين محررتين، أنا الناخبة المفترضة أحداهما، والثانية محرّرة وأستاذة جامعيّة مرشحة على انتخابات نقابة المحررين غدًا
انتهى الحوار السوريالي بطلب واضح من المُتصلة التي لن أذكر اسمها (احترامًا للزمالة ولأصول المهنة التي لا أدري إلى أي مدى ما تزال مُحترمة في بلاد الأرز) بانتخابها عضوًا في النقابة. ذكّرني هذا الاتصال بأولئك المتصلات للترويج لمستحضر جديد: ”مدام ربحتي معنا جلسة ”ميك أب“ مجانيّة“، أو المتصلات (ولا أدري لماذا النساء هن اللواتي يقمن بهذة المهمّة) للتسوّل الحضاري بحجة مساعدة الفقراء. لم يكن هذا الاتصال الأول وقد لا يكون الأخير، قبل حلول موعد الانتخابات غدًا، للزملاء(وللأمانة، لم يتّصل بي كل المرشحين ولكن نسبة لا بأس بها) الذين يطلبون مني انتخابهم. أتخيّلهم يفتحون الدفتر الذي فيه أسماء المحرّرين المنتسبين إلى النقابة ويتصلون بهم تباعًا وفق الترتيب الأبجدي. حتى النقيب اتصل وطلب مني انتخابه! يطلبون، هكذا، بكلّ بساطة، طلب مجرّد من أي حافزٍ أو محاولة إقناع، أو تقديم سبب وجيه سوى أنّني ناخبة لأن اسمي مُدرج على الجدول وأن المتصل مرشح. لا يقولون الكثير في اتصالهم: مرحبا، كيفك؟ العيلة منيحة؟ بدنا همتك نهار الخميس. انتهى. لعل الحوار أعلاه هو الأطول بسبب الالتباس في الأسماء وفق ما برّرت لي الزميلة المُتصلة! يريد المرشح إقناعي بأقل من دقيقة واحدة انتخابه ليمثلني في نقابة المحررين. إنه فن الاقناع في عشر ثوانٍ الذي لن تختلف نتيجته عن تعلّم الصينيّة في عشرة أيام. هكذا تجري الأمور في كل النقابات، قالت لي صديقتي المحاميّة. ولكن هذا الذي يجري ليس مقبولًا في أيّ انتخابات أيّا كان نوعها لأنه يتعارض مع أبسط حقوق الناخب في معرفة من ينتخب؟ ولماذا؟ فكيف في نقابة المحررين التي تضم صحافيين واعلاميين وصنّاع رأي
ينتقدون المرشحين على الانتخابات النيابية وأساليبهم المعتمدة في جذب الناخبين ويحذون حذوها
يخطّون صفحات في الحديث عن تدخل الأحزاب وتأثيرها على سير العملية الانتخابية في سائر النقابات والانتخابات الطلابية، ولا يشذون عن القاعدة حين يحين دورهم
يأخذون على النواب أنهم يغيبون عن السمع لأعوام ولا يظهرون مجددًا ألّا عند حاجهتم لأصوات الناخبين، وعلى خطاهم يسيرون
وحتى يكتمل المشهد الانتخابي أوردت إحدى الصحف التي ما زال فيها محررون يعملون، وتلك نعمة ادامها الله عليهم، أن أحد المرشحين أبلغ بواسطة الواتساب أن النقليات مؤمنة ذهابًا وإيابًا إلى مركز الإقتراع في الفرورم دو بيروت بواسطة شركة شارلي تاكسي. ولم تجر أي إشارة إذا كان العرض يشمل السندويشات أو لا
المؤسسات الإعلامية تحتضر، ولكن النقليات مؤمنة
الصحافيون لا يتقاضون رواتبهم ولكن الاتصالات جارية على قدم وساق لحشد أكبر عدد من الناخبين
العاطلون عن العمل في هذه المهنة يزيد بنجاح كبير ولكن لا هم يكفي أن يتحفنا المرشح بصوته الرخيم عبر الهاتف حتى تغمرنا السعادة ونقتنع بضرورة انتخابه. يا عيب الشوم
ملاحظة أولى: حدود هذا المقال هو اعتراض على شكل الدعوة إلى الانتخابات الذي يشي بالكثير. والمكتوب أحيانًا يُقرأ من عنوانه. اما النقاش في نقابة المحررين نفسها فحديث يطول ويحتاج الى دعوة عامة يشارك فيها كل المحررين المنتسبين إلى الجدول الذهبي. و في المناسبة، قد تكون تلك خطوة أولى في اتجاه ارساء نموذج للانتخابات في شكلها الصحيح
ملاحظة ثانية: لن أقاطع انتخابات نقابة المحررين، ليس تلبية للاتصالات التي وردتني ، بل لقناعة في أن اعطي هذه النقابة فرصة جديدة حتى لا أتهم بالتنظير عن بعد، وبعدها الحساب ولن يكون في الشكل