أسئلة وملاحظات في يوم ربيعي مشمس

 هل انتهت ”الجلقة“ اللبنانيّة بعيد الأم على مواقع التواصل الاجتماعي. وماذا لو لم يكن هناك فايسبوك مثلًا، أين كان سيذهب كلّ هذا الحب المتفجّر صورًا وورودًا وأغانٍ وأشعار؟ لم يترك ألبوم عائليّ إلّا وفتح واستخرجت منه صور الأمهات بكلّ الألوان والأشكال والأحجام. وبُحّت أصوات فايزة أحمد وفيروز ومارسيل خليفة وهم يردّدون : ست الحبايب، وأمي يا ملاكي، وأحن إلى خبز أمي. ملاحظة: لم يكن مقررًا أن يحتل هذا السؤال المرتبة الأولى في القائمة، لو لم تنضح صفحات الفيسبوك  حبًا وحنانًا طوال أسبوع  كامل … وما يزيد

 ما هو الرابط بين عيد الأم وزهرة القرطاسية؟ ولماذا تمتلىء متاجر الأزهار بهذه النبتة التي يطغى حضورها على سواها من النباتات أُسبوعًا قبل موعد عيد الأم، ثم لا تلبث أن تختفي؟

  لماذا تبدو صور إحدى المرشحات إلى الانتخابات النيابيّة أشبه بإعلان لعمليّات التجميل. والتجميل يبدأ في الاسم. إذ كانت تُطل هذه المرشحة على جمهورها التلفزيوني ”العريض“ بإسم أخضعته لتجميل قبل أن تطل على جمهورها الانتخابي الذي تتمناه عريضًا بإسمها الحقيقي. يعجز من تطالعه صورة المرشحة المطبوعة على لافتات طويلة ألاّ يظن أن للأمر علاقة ما بالترويج لعمليات التجميل. ويأتي شعار المُرشحة ” كفى“ الملاصق للصورة ليُعزّز هذا الانطباع بدلًا من أن يبدّده. وتصبح الصورة الى جانب الشعار: كفى عمليّات تجميل

  ما هو سرّ البهجة اللبنانيّة العارمة بحجم المشاركة النسائيّة في الانتخابات النيابيّة؟ علمًا أن عدد المرشحات هو  111 مرشحة من أصل 976 مرشحًا، أي أن النسبة لا تتجاوز 11،37 في المئة. وهي نسبة ضيئلة تستدعي الندب وليس الاحتفال وخصوصًا أن الترشح لا يعني النجاح بالضرورة، والعبرة في من يستمر في المعركة ويكسبها. ولكي نصل الى حجم حضور نسائي في المجلس النيابي يستدعي الاحتفال فعلاً، يجب أن يكون الترشح حاليًا أضعاف ما هو عليه وربما مناصفة بين النساء والرجال، وإلى ذلك الحين ”اخبزوا بالافراح

 لماذا توحي الإعلانات والشعارات الانتخابية أن الأطراف المشاركة تخوض المعركة تحت عنوان واحد هو”يا قاتل يا مقتول“. إذ يطرح كل طرف نفسه خلاص لبنان من الآخر الذي سبّب هلاكه. القوات اللبنانية مثلًا ستنهي زمن الفساد ليحلّ مكانه زمن ”الدولة الفاضلة“. المردة ”هني مبارح وهني بكرا“. حزب الكتائب هم التغيير. حزب الله ”يحمي ويبني“…الخ. المشكلة ليست في الشعارات ولا في منطق الإلغاء المسيطر عليها،  بل في أن كلّ هذه الأطراف متحالفة مع بعضها بطريق عجيبة غير مفهومة ومناقضة تمامًا للشعارات التي ترفعها وتحشد على أساسها. يستحق الأمر فعلًا ”خرزة زرقا“ لأن لبنان بلد ما صار ولا بقى يصير متلو.  والإنتخابات النيابيّة  نموذح واحد ضمن عشرات النماذج الدالة على فرادته  وخصوصيته وتمايزه

  أمّا وقد بدأ العمل على تنفيذ جسر جل الديب بعد أخذ ورد استمر ردحًا من الزمن، وبعدما تبيّن أن الجسر الذي يبنونه يُشبه أيّ جسر آخر، وليس فيه أيّ مواصفات خارقة أو شكلٍ ابتكاريّ استثنائيّ يمكّن السيارات أن تطير مثلًا في زحمة السير الخانقة،وهي دائمًا خانقة، اذ لا زحمة سير من دون الشعور بالاختناق، وبعد كلّ ما تقدّم يبقى السؤال الذي استوجب هذه الملاحظة، لماذا احتاج جسر جل الديب كلّ هذا  الوقت لإقراره؟ وإذا كانت الإجابة تندرج ضمن قائمة هدر وفساد وسرقة ومحاصصة، فالرجاء تذكّر هذه العناوين في 6 أيّار.  والرجاء ممن لا يتذكر لحظة يحكم ضميره أمام صندوق الانتخاب ويسقط اللائحة ”زي ما هي“ وفق شروط  القانون الجديد ”اللي ما حدا فاهم منو شي من شي“، أن يعتزل بعدها مباشرة حفلة الـ ”نق“ على البلد والطبقة السياسية وخلافه

  متى ستجد البلديّات حلًا لفضلات الحيوانات الأليفة التي تخلّفها على الأرصفة غير رفع لافتات تحذّر من هذا التصرّف غير اللائق. الكلاب لا تقرأ التحذير، وأصحابها يتجاهلون الأمر، ومنهم من يترك مهمة إخراج الكلاب للتنزه وقضاء الحاجة للعاملات المنزليّات. والمفارقة، أن سيدة المنزل تحرص أن ترتدي العاملة الزيّ الخاص بالتنظيف وربما تعاقبها إذا اهلمت ذلك ، ولكن لا تلفت انتباهها أين يفترض أن تخلّف الكلاب فضلاتها، المهم أن الأمر يحصل خارج حدود بيتها حتى ولو حصل ذلك على الرصيف المحاذي. بالمناسبة، تستحق هذه القضية  أن تُدرج بندًا أساسيًا في البرامج الإنتخابية من باب التغيير عن محاربة الفساد والإصلاح والدين العام التي أصبحت مُملّة من شدة استهلاكها

 لماذا أصبحت اللهجة اللبنانيّة شبه منقرضة في المقاهي والمطاعم والمرافق العامة وورش البناء …الخ؟ إن القول بأن اللبنانيّ يرفض القيام بهذه الأعمال، سيُحتسب إجابة خاطئة. كما أن إدراج هذا السؤال في خانة العنصريّة مرفوض، بل هو هروب من الإجابة الصحيحة؟ أمر إضافي يستحق أن يدرج بندًا في البرامج الإنتخابيّة في إطار محاربة البطالة، وحلّ هذه المعضلة يخدم محاربة الفساد والمحاصصة وباقي المعزوفة الانتخابيّة

 من أين يأتي وزير الخارجيّة جبران باسيل بهذه  الطاقة لابتكار مواقف واطلاق تصريحات ترفع  منسوب أعدائه بسرعة قياسيّة  وكأنه يرغب أن يكون حديث البلد الدائم حتى ولو جاء ذلك من باب انتقاده أو شتمه. وآخر ابتكاراته على هذا المستوى موقفه من منح الأم جنسيّة لأبنائها ليس مهمًا أن يزيد كارهوه  المهم أنه شاغل الرأي العام بمواقفه. إنها لا شك مقدرة  وتطوير لمفاهيم الدبلوماسيّة التقليديّة

  زحمة سير، زحمة سير، زحمة سير

فكرة واحدة بشأن "أسئلة وملاحظات في يوم ربيعي مشمس"

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s